لست إلا من فلسطين بقلم رولا سرحان

 لستُ إلا من فلسطين              رولا سرحان صورة

بقلم: رولا سرحان

من أين أنتِ؟ هو السؤال الذي لا أعرف الإجابة عنه.

وأول مرة شعرتُ بالعجز فيها عن الإجابة على هذا السؤال، كانت عندما كنتُ في سنتي الأولى لتحصيل درجة البكالوريوس من جامعة بيرزيت، حيث سألني أحد الطلاب من أين أنت، فأجبت من فلسطين، فكرر السؤال ثانية من أي منطقة أنتِ فلم أعرف الجواب، فقلتُ له أنا من الرملة، فقال أي من فلسطينيي 48 فقلت لا، أنا ولدت في لبنان، فقال والدكُ من أين، فقلت من الرملة لكنه عاش معظم حياته في السعودية إلى أن التحق بصفوف منظمة التحرير في لبنان، وتعرف على والدتي التي هاجر أهلها ما قبل عام 48 من يافا وولدت في لبنان هي الأخرى، فكان جوابه إذن أنت من العائدين، فقلت إن كان هذا تعريفاً فنعم، أنا من العائدين بموجب اتفاق أوسلو.

وإن كان قد مضى على هذه الحادثة أكثر من 18 عاماً، إلا أن متلازمة عدم المقدرة على الإجابة على هذا السؤال ما زالت ترافقني إلى اليوم. ففي بعض الأحيان أحاول الإجابة بناء على مكان السكن الذي أقطن فيه والذي كان رام الله إلى أن تزوجت فانتقلت للسكن في منطقة ضبابية هي كفر عقب، تابعة لبلدية القدس لكنها أقرب إلى رام الله وذلك بحكم المحافظة على هوية زوجي الزرقاء، وعلى أحقية بناتي الثلاث في هويتهم المقدسية، بالتالي فأنا لستُ من رام الله ولستُ من القدس، وكفر عقب ليست مكان هويتي، ولستُ أنتمي لها مناطقيا أو عاطفياً.

وإن عدتُ إلى تاريخ عائلة سرحان فإن معظمهم بسبب النكبة هم لاجئون في الأردن وفي الخليل، لكني لم أعش لا في الخليل ولا في الأردن، وقضيت سنوات طفولتي ومراهقتي ما بين الأعوام 1983-1994 في تونس، عندما خرجت المنظمة من لبنان. بالتالي فأنا لاجئة بحكم تعريفات القانون الدولي، لكن كلمة لاجئة وحدها لا ترضي فضول سائلي من أين أنا.

هذه قصة قصيرة لكنها واقعية بما يكفي لتشكل حال الكثيرين في بلاد ممزقة التعريف بين فلسطين التاريخية، وأراضي السلطة الفلسطينية، و”دولة فلسطين” المعترف بها حديثاً، والانقسام الذي يمزقها فوق تمزيقها يتغذى بالمناطقية التي تضعف الهوية الوطنية.

ولأني، في الذكرى 67 للنكبة قررت أن أكون قادرة على الإجابة على سؤال من أين أنت، فإن جوابي أنا لستُ إلا من فلسطين.

(عن صحيفة الحدث الفلسطينية)

http://www.alhadath.ps/article.php?id=f74c5ey16206942Yf74c5e

 

اترك تعليقاً