حينَ يُعادُ إليكَ الغياب     شعر: ريما حمزة

حينَ يُعادُ إليكَ الغياب شعر: ريما حمزة

حينَ يُعادُ إليكَ الغياب

وأنتَ تضاجعُ نساءَ المرايا،
أمرُّ ببالِكَ مثلَ حمامة،
فتفتحُ البحارُ أزرارَ قمصانِها،
وترجعُ لحدودِها البِكرِ السفن.
لكنّ المرافئَ عطشى،
لم تكفَّنْ مراكبَها باليقينِ،
ولا سالَ من شطِّها غيرُ السرابْ.
فكيفَ يُعيدُكَ وجهي نبيّاً،
وقد ضلَّ عنكَ الدعاءُ،
وفاتَتكَ الأرضُ
إلا خرابْ؟
يرقصُ زمنُكَ المكسورُ فوقَ الساعات،
يسكبُ ضجركَ كأسًا لنفسِه،
فجرحُكَ يجترحُ المعجزاتِ،
إلا أنْ يُغيِّبَ كُحليَ كلَّ المدائنِ
في ضبابٍ كثيفٍ بلا انتهاء.
فما جدوى النبوءاتِ
حين تخلو الحكايا من وجهك
وظلك
وما نفعُ مرآةِ عيني
إذا لم تُرَتِّلْ سواكَ العذابْ؟
تعالَ قليلاً إلى جُرحِكَ المستبدِّ،
ولا تقترفْ غيرَ موتِكَ
حتى يُعادَ إليكَ الغيابْ.
تضيقُ مساراتُ اللهفةِ،
حضورٌ يختنقُ بصدايَ،
فآتيكَ كنزوةٍ في ضميرِ السؤال
تكتبُ حواسُ الهزيمةِ شعراً،
وجلدةً إثرَ جلدةٍ،
تموتُ بحروبِكَ كلُّ النساء.
وأنتَ تعدُّ بقاياك في راحتيَّ،
كطفلٍ يُجَرِّبُ في حزنِهِ أصبعَ الطينِ،
لا البحرُ يشبهُ انكساراتِكَ،
ولا الأرضُ تذكُرُ خطاكَ،
فكيفَ تدثِّرُ هذا الشتاءَ بكفِّ الإشتهاء؟
يا لشمعدانِ وجعِكَ العاقلِ،
واحتراقِ الخطايا في حومةِ الذكرى…
آتيكَ سؤالًا حائرًا من قلقِ الهُناك:
كيفَ سرقَكَ من معبدي
الحديثُ عن الغوايةِ والوِصال؟
وهل كان غيري يضمُّ الآه إليكَ،
ويتركُ نافذةً للحنينْ؟
وهل كنتَ تعرفُ أنَّ اشتعالي
هو الفارقُ المستحيلُ
بين وهمِ الرحيلْ واليقينْ؟
تأخَّرَ حمامي الزاجلُ،
مرَّ نعشُ الحبِّ بملامحِ فاتحة،
جفنُ الليلِ وداعةُ انكسار،
وعطرٌ لم يتجلَّ بأحمرِ غُرناطتي،
فابكِ فتوحاتِكَ
على شاهدِ احتضار.
فما كنتُ إلا امتدادَكَ في لحظةِ الهمس،
حين اختصرتُ الحكايا إلى ومضةٍ،
ثم غادرتُ من غيرِ صوتٍ،
تركتُ المدى في يديكَ،
وفي قدميَّ ارتعاشَ الطريقْ.
سبايا الضياعِ حلبةُ رقص،
وخيالاتي وقعُ خطى
في بابٍ مهيَّأٍ للحضور،
وتري يختالُ بذاكرةِ المُحال،
فيجُنُّ الليلُ موسيقى،
وينهالُ قمر.
ولكنهُ الآنَ يبحثُ في وجنتيَّ
عن الليلِ.. عن كوكبٍ تائهٍ،
عن أناملَ لم تستدلَّ على بابِها،
حين ضاعتْ،
وكان المطرْ.

اترك تعليقاً