عزلة
ثمة عزلةٌ تشربني
كما يشربُ الغرقُ ضحاياه
وتتركُ جرذانَ الذكرياتِ
تنقبُ في رأسي عن خبزِها!.
لو علّبتُ الأغنياتِ
ورتبتُها على رفوفِ صوتي
لما نبتت في حنجرتي بحةٌ
لو اعتزلتُ صداقةَ الطيورِ المهاجرةِ
وتوقّفتُ عن الابتسامِ الدائمِ لحقائبِ السفر
لما مشيتُ مسافةً أطولَ عمراً من الوداعِ
وبكيتُ كثيراً كلما ارتفعَ مَنسوبُ الغربةِ في دمي!
هنا في غرفةٍ بعيدةٍ
حيث الشتائمُ اليابسةُ ملتصقةٌ بالجدران
والعناكبُ تقيمُ أعراسَها عند الزوايا
أغربلُ الرسائلَ من أسرارِ كاتبيها
وبيدٍ باردةٍ
أتحسسُ أثرَ الشمسِ على سياجِ النافذة
وما تركتهُ من صلوات
ها أنذا
أمسحُ النعاسَ عن زجاج الليل
وأقرأ قصائدَ انتحرَ شاعرُها
كتجربةٍ أخيرةٍ لقياسِ مساحةِ الحريةِ
في زنزانةٍ لا تتسعُ لاسمي!…