مساء آخر
عندما يأتي المساء
تتحول الحروف إلى طائرات ورقية
تشتعل السماء بعزف كمنجات المعنى
يرش البنفسج عطره
على أدراج الحنين
قلِقٌ أنتَ
تركض إلى كأسك
ترشفه دفعة واحدة
ترتطم بإشارة تعجب هناك
تزيح فاصلة هنا
وتضع نقطة في آخر درب سلكته مع القدر
كل شيء بات رمادياً
ضجيج يتعالى
تتعرى من أحزانك فجأة
تطلق ضحكة تعربد على ضفة الحقيقة
تنفصل عن هذا العالم الكئيب
عن وطن يجرح ساكنيه ويدميهم
تنسى كم مرّ وقت على آخر مرة
اشتهيت فيها جسد أنثى
كم عاتبك أنفك مرة
فهو مشتاق لرائحة الهيل
المنبعثة من تحت إبط امرأة
وأنت مازلتَ في انفصامك
كاللحن الشارد
كجرح منسي على قارعة الخيبة
تضاجع الوقت
كلما مرّت رائحة الذكريات أمامك
تسافر في المعاني
تبعثر الحروف في عشب الأمنيات
ترتلُ للصباحات الندية أغنية وداع قديمة
يتعب منك الوقت ويهرب في الخفاء
تاركاً جمجمتك تدندن وحيدة مع حائط الغرفة البارد
تقذف بين الفينة والأخرى
آهات محمومة
تغتال بصمت أنفاس النهار
وتبقى حبيس العدم واللامبالاة
وحيداً حزيناً كابتسامة جوكندا.