في تِشْرينْ
تلبس القصيدة عُرْيَ المرايا
ترحل نَحْوَ اكتناهِ الصُّوَرْ
واقتفاءِ الأثَرْ
يحدوها لِفِلَسْطينْ
حُبٌّ وحنينْ
تبحث عن أوراقها الصّفراء والبيضاء والخضراءْ
تجمعها لِبَريدٍ قادمٍ
قُوتًا لحُلْمٍ يَفُكّ قيْدَ أمانٍ سبايا
يكتب عَهْدًا لا يُنتسى
وعدًا لحروف مقهورَهْ
تكتب الأفعالَ والأسماءْ
في جملة يستظلّ بظلّها مجازٌ للبَصَرْ
وحقيقةٌ لِبَصيرَهْ
يرفعان أكفّهما للسّماءْ:
حجرًا حجرْ
سنبني حلمنا…
تُخصب الأرضُ، ويخضرّ الرّجاءْ!
د. محمّد توفيق بو علي
تشرين، الحلمُ وعدٌ بناء!!
“أمكثي معنا يا قصيدةُ، مالتْ فلسطين”. “في تشرين”، ينظرُ محمّد توفيق بو علي عريًا “أدبيًّا”، في الوطن القصيدة. تلبسُ القصيدةُ عريَ الوطن وتحنّ إليه
“يحدوها لِفِلَسْطينْ
حُبٌّ وحنينْ”.
صورةُ تشرين كلّها الخريف، هنا معجمه، العري، الرحيلُ، أوراقُه الصفراء… ينذر بموتٍ. لكن، في قصيدة أبو علي، حلمٌ ووعد… هذا الخريفُ يعقبُه الربيع… “تجمعها لِبَريدٍ قادمٍ
قُوتًا لحُلْمٍ… يكتبُ… وعدًا”…
تشرينُ في قصيدة العميد، فلسطينُ هو… فلسطينُ التميلُ مع عوامل النهاية، في عوالم الانسلاخ نزفًا وألمًا، “تنهض كالشوق في المواعيد”، تزفّ قيامتُها إعلانًا واهجًا: “حجرًا حجرْ
سنبني حلمنا…
تُخصب الأرضُ، ويخضرّ الرّجاءْ!”.
يكتبُ الشاعرُ بمعجمِ الظلمة، واقعًا يقابلُه انتظارُ الفجرِ بمعجمٍ ضدٍّ مباشرةً، يتكرّر في السياق: “ترحل…لِبَريدٍ قادمٍ”، “أوراقها الصّفراء… والخضراء”،
“مجازٌ للبَصَرْ
وحقيقةٌ لِبَصيرَهْ”…
يقولُ: “يكتبُ… لحروفٍ مقهورةْ”. هذي الحروفُ التكتبُ الوجدَ، تتفاعلُ في القصيدة نفسًا بشريّةً بأحاسيسِ إنسانها. الحروفُ الجلمديّةُ الحبرِ على القرطاس، لا، ليست مادّةً، هي روحٌ من يراعِ شاعرها، تشعرُه، تفيضُ بعوامله. هنا، القهرُ يسودُها… تكتبُ وعدًا، يخلّصها، تتكوّنه حلمًا مجازًا بصرُه، حقيقةً بصيرتُه… من قهرٍ تولدُ التغيّرات. تلكَ القصيدةُ حيّةٌ، كائنةٌ تلد للأرضِ خصبًا وللرجاءِ اخضرارًا…
فلسطين في تشرين مروراتُها… إن تسقطْ أوراقُها، تُنبتْ أبناءَ يرفعون للسماءِ حلمَهم: سيبنون حجرًا حجرًا مدينتَهم، أرضُها الطيّبةُ تُخصبُ حياةً تخضرُّ في الرجاء…
حسبُكَ عميدُ تؤتي لفسلطين قصيدتِكَ انبعاثا!!
الدكتور عماد يونس فغالي