نبوءة قادمة
(اهداء الى زوجتي التي قرأتها أولا ولم تستطع اكمالها)
سَنَذْوي مَعاً بعدَ نَحْتِ السنينِ
بِإزْميلِها في ضواحِي الجَسَدْ
وأعرِفُ أنَّكِ صِنْوُ الحَياةِ إليَّ وأَنِّي
لكِ الظهْرُ والصدْرُ قولي السندْ
وأنّي وَحيدٌ بغَيْرِكِ أمْضِي
ولنْ تَجِدِي بعْدَ عَيْني أحَدْ
سَلاماً لرِحْلَتِنا بِالرِضا
وبالحبِّ حِيناً وبالعِنْدِ حيناً
وحيناً نَكَدْ
نعَمْ نحنُ لَسْنا مِنَ الأنْبياءِ
ولَسْنا مَلائِكَةً بالصفاءِ
ولكنْ أَلِفْنا عَلَى ما نَجِدْ
رَضينا بِقِسْمَةِ ما قَدْ يَجيءُ
وما قدْ يكونُ قَريباً إليْنا
وما يبْتَعِدْ
سنُغْمِضُ عيْناً بوَجْهِ المَرايا
لكيْ لا نرَى ما وَصَلنا إليهِ
كأنَّ العُيونَ اصْطَفاها الرَمَدْ
ستَحْيا بِنا رَعْشَةٌ لم تكُنْ
ورَأسٌ يَشيبُ ونَنْسَى كَثيراً
سَنَذْوِي فَلا تسْتَفِزّي العَدَدْ
صَديقانِ نَمْضي
بلا ناقضاتِ الوُضوءِ علَيْنا
نعودُ بَريئَيْنِ حينَ نَعودُ
وكلُّ طَهاراتِنا تَحْتَشِدْ
لهذا سنَقْتَصُّ مِن عادِياتِ السنينِ
بضِحْكٍ يُرِيها الذي لا تَراهُ
كَأنَّ الشبابَ بِنا يَتَّقِدْ
سأذْكُرُ ضِحْكَكِ حينَ تَرَيْنَ
ابْنَنا “خالداً “واقِفاً إذْ يَقولُ:
“خَلَصْنا خَلصْنا خَلصْنا بَعَدْ ”
وأسرارُهُ دائِماً بَيْنَنا
وأسرارُ “فاطِمةٍ” بيْنَنا
تُعينُ على لَيلِنا المُنْفَرِدْ
***
سَنَذْوي مَعاً مثْلَ ورْدِ الخَريفِ
وقَمْحِ الشتاءِ كأنَّ الربيعَ بِنا قدْ جَحَدْ
سَأنْسَى بِأنِّي وقَفْتُ مِراراً
أراقِبُ سَيْرَ النساءِ لَعَلّي
أخُطُّ قَصيدَةَ شِعْرٍ وأمْضِي
لأخْرَى كَأنّي رَهينُ المَدَدْ
وأنْسَى بأَنِّي تَجادَلْتُ فِكْراً
إلى غَيرِ نَفْعٍ مَعَ الجهْلِ حتّى
نَسيتُ الرشَدْ
وتنْسَيْنَ أنَّكِ في ذاتِ يومٍ
طلَبْتِ الطلاقَ
لعُذْرٍ سَخيفٍ ودارَ الخِلافُ
وقامَ البكاءُ إِلى أنْ هَجَدْ
وها نحْنُ صِرْنا وَحيديْنِ نَذْوِي
وماءُ الخِلافاتِ فينا جَمَدْ
ويكْثرُ فينا الزُكامُ شتاءً ونمْرَضُ فيهِ
وَفي الصيفِ نشعُرُ بالبرْدِ دوماً
وقدْ نَرْتَعِدْ
***
سنَعْصِرُ ذاكِرَةً في المَساءِ
لنَضْحَكَ مِنْها ولَوْ لمْ تكُنْ ذاتَ شُبْهَةِ ضحْكٍ
لِنَقطَعَ صمْتاً عليْنا اسْتبَدْ
وقد نسْتلِذُّ بصمْتٍ جميلٍ
فكلُّ الأحاديثِ مرَّتْ عليْنا
وكلُّ المواقفِ كلُّ النِكاتِ التي نفتَقِدْ
سَأوصيكِ فيكِ وأطلُبُ صَفْحَكِ
كيْ لا نَكونَ خُصوماً أمامَ الإلهِ العَظيمِ
بِيَومِ التلاقي بِفَردٍ صَمَدْ
فقدْ كانَ بي للحماقَةِ رأيٌ
لقد أفسَدَ الفكرَ والعيْشَ والمُعْتَقَدْ
ألنْ تَعْذُريني .. ؟
أحِسُّ بِأنّي ظَلَمْتُكِ جِدّاً
وكانَ نصيبُكِ مِنّي أَنِيني
لقدْ كانَ بي كِبْرياءُ الشبابِ
استَبَدَّ العِنادُ تَعامَيْتُ أدْرِي
وحُبُّكِ أخْفيهِ رغمَ يَقيني
وما كنتِ شكوَى وما كنتِ بلوَى
وقد كنتِ رَجْوى لبعضِ حَنيني
وإنّي بَخِلْتُ بكلمةِ حبٍّ
بِها أسْتَدِرُّ الأمانَ عليكِ
سكنْتُكِ بيتاً ولم تَسكُنيني
ألنْ تَعْذُريني .. ؟
فمِنْ أجْلِ شِعْري تَغَزَّلْتُ شِعْراً
بِمَنْ شَرَّدَتْني ومَنْ هَجَرَتْنِي بمَنْفى سِنِيني
تَغَزَّلْتُ حُبّاً وحُزْناً وكُرْهاً
وأسْتَغْفِرُ اللهَ خُنْتُ وعُدْتُ
وكَمْ قدْ غَفَرْتِ وكمْ قدْ جعَلْتِ الدعاءَ مُعِيني
وتبْكينَ حزْناً وتَدْعِينَ رَبّاً
بسَجّادَةٍ للصلاةِ بلَيْلٍ
لعَلَّ الإلهَ الغفورَ يَقِيني
مِنَ العِشْقِ والخَمْرِ أو ما تَكيدُ
إليَّ النساءُ وكلُّ المَحارِمِ إذْ تَحْتَويني
فهَلْ بعدَ كلِّ الذي كانَ مِنّي قَديماً
ألَنْ تَعْذُريني ؟
سألْتُكِ بالحُبِّ
حينَ نُريقُ على سُكّرِ القلْبِ شايَ الضُّحَى
إنْ تكُنْ منهُ ذِكرَى فمِنْهُ اذْكُريني
وإنّي تَحَصَّنْتُ بالاعْتدادِ
وقد كانَ يُرْضيكِ مِنّي اعْتِدادي
فلمْ أُحْنِ يوماً بخِزْيٍ جَبيني
وإنّي إلى وَجعِ الجائعينَ على كلِّ أرضٍ
أقمْتُ لهُم نسباً للصِّلاتِ
ولا أتَخَيَّرُ جِنساً لِدِيني
سألتُكِ باللهِ أنْ تَعْذُرِيني
فَهذي التجاعِيدُ هذا السُّعالُ
يُميتُ بِنا رَغْبةً للبَقاءِ
وأشْعُرُ بِالرعْبِ إنْ تَتْرُكِيني
وحيداً أصارِعُ هذا القدرْ
لننْسَى ونحنُ نُعِدُّ الحَقائبَ
نحمِلُ فيها مَتاعَ التَناسِي لهذا السفَرْ
لكي لا يُرينا عُيوبَ الحياةِ
وما تُتْعِبُ القلبَ منه الذِّكَرْ
مَشيْنا معاً درْبَنا موْجَتَيْنِ
قطَعْنا البحارَ لشَطِّ الوصولِ
تشيرُ الضفافُ بأنَّ الطريقَ غَدا مُختَصَرْ
فَلا تُثْقِليني بما لا يُريحُ
ولا بالعتابِ إذا ما فَسَدْ
بقَصْدٍ لديكِ ومِن غيرِ قَصدْ
فسوفَ يُقال الذي ليسَ فينا
دَعي مَن يَمُرُّ بذكرَى هَوانا
يقولُ بما شاءَ أو يعتَقِدْ
كبُرْنا نَعمْ إذْ كبُرْنا مَعاً
كَأنّا وَصَلْنا لآخِرِ حَدْ
ولمْ نَدْرِ أيَّ الفُصولِ نُريدُ ولا أيَّ عامٍ
وَلا أيَّ يومٍ ولا أيَّ غَدْ
نعيشُ وَحيديْنِ نَجْتَرُّ ذِكْرَى
ونَبْكِي لأنَّ البُكاءَ يُريحُ
ونَلعَنُ أمساً نَراهُ ابْتَعدْ
فَخَلِّي يديْكِ بِكفَّيَّ دوماً
لكي تَعرِفي أنَّني في الحياةِ
وأنّي ، وإنْ صِرتُ جَدّاً ، وَلَدْ
فإنْ مِتُّ فَاسْتَوْدِعيني سَلاماً
وإنْ سَألوكِ فَقُولي بِلينٍ
هُوَ الآنَ في بَرْزَخٍ قدْ سَجَدْ
وها أنتِ صرْتِ الوحيدَةَ بَعْدي
أنا بِانْتِظارِكِ سوفَ أُعِدُّ لكَ الشايَ حُلْواً
بلا حاسِدٍ حولَنا أو رَصَدْ
وإنْ هاتِفي رَنَّ رُدِّي عليْهِمْ
وقُولي مَضَى لم يَعُدْ في البَلَدْ