الجحيم
المرة الأولى التي تعرفت فيها إلى لفظة”الجحيم” كانت في درس كشفيّ مبكر، على يد شيخ كان يؤصّل الكلمة لفظًا ومعنى..فهي كلمة أعجمية، وهي عقاب الله للضالين والضالات والعاصين والعاصيات في الأرض..وهي أقصى وأقسى عذاب يناله الكافرون..
أتذكر كل ذلك الآن يمر بذاكرتي الدرس المرعب آنذاك وأنا أشاهد جحيم غزة بأم عيني..جحيم أرضي يذيب اللحم والعظم ويهتك الروح ويحرق الصغار قبل الكبار فوق أسرتهم وفي أحضان أمهاتهم، وتحت سقف خيمة مثقوبة تنزح للمرة الألف..
أفكر، لا يا شيخ على ما يبدو الجحيم كلمة عربية بامتياز !
وليست كما أبلغتنا، و هي عقاب الأخيار على خيرهم، والوطنيين على وطنيتهم، والإنسانيين على إنسانيتهم! عقاب من يقول لا في الزمن المنبطح الذليل..
أفكر : أين ذهب آلاف الدعاة والشيوخ والمفتون، الذين صدعوا رأسنا وزادوا شقاقنا وهم يؤججون السعار الطائفي، ويحثوننا على قتل، وتشويه وتحقير ونبذ وكراهية وتكفير بعضنا البعض…فنزداد ضعفا، ويزداد عدونا قوة وهيمنة..
يا إلهي: لماذا لا نسمع هؤلاء الآن ونحن نحرق ونباد ونجوع ونشتت ونذل على الشاشات؟ لماذا لا تفتح مساجدك أبوابها ولا يخرج منها الناس ثوارا على الظلم، أنصّارا للحق؟ ماذا نريد من الصلاة يا الله، إن لم تنه عن الذل، وتنتصر للإنسان؟!! وكيف تحيا الشعوب المؤمنة الملتزمة بالحج والصلاة والصيام والزكاة، ورأسها في الوحل وفي فمها شوك ونحيب وذاكرة معطوبة بالمحو..المحو ..
يا الله: هذا الجحيم اولى أن نرمي به كل الذين أخافونا منك ومن بعضنا يوما، وكل الذين أطالوا لحاهم ونفخوا كروشهم حتى لا نرى..عدونا المختبئ في حناجرهم وعظاتهم ..
يا الله..هذا الجحيم قد دخله المؤمنون..فلا تفتح جنانك بعد الآن للكافرين!
#الصورة_في_جباليا_أمس
#محرقة_على_البث_المباشر
#غزة_لبنان