عدوٌّ تخطّى الخطوط الحمراء      بقلم: خليل المتبولي

عدوٌّ تخطّى الخطوط الحمراء بقلم: خليل المتبولي

 

عدوٌّ تخطّى الخطوط الحمراء
بقلم: خليل ابراهيم المتبولي


الحرب تُعدّ من أبشع التجارب الإنسانية، فهي تكشف عن أقسى جوانب الطبيعة البشرية. إنها ليست مجرّد صراع عسكريّ، بل هي دمار شامل يمتدّ بآثاره القاسية على المجتمعات، ويمحو الأحلام والطموحات.
في زمن الحرب، تتلاشى القيم الإنسانية وتصبح الحياة بلا قيمة. فكيف إذا كانت الحرب ضد العدو الصهيوني، الذي لا يعترف بأي خطوط حمراء تردعه؟ في هذه الحالة، يصبح العنف هو اللغة الوحيدة، والدمار هو المشهد اليومي المعتاد.
مع تصاعد التوترات العسكرية، يشهد الوطن استباحة مدمّرة، حيث يتعرّض لقصف متواصل يضرب استقراره ويهدد أمنه. العدو الصهيوني بات يستهدف المدنيين بلا أي اعتبار للقوانين الدولية أو للخطوط الحمراء التي يجب أن تُحترم. استخدام الأسلحة المحرّمة، كالفوسفور، في ضاحية بيروت الجنوبية، يفضح فظاعة هذه الانتهاكات، ويثير التساؤلات حول المصير الإنساني في ظل هذه الظروف.
المناطق المختلفة تعرّضت لمعاناة شديدة جرّاء هذا القصف الوحشي، الذي لم يقتصر على تهديد الأمن فقط، بل تجاوز ذلك ليضرب مقوّمات الحياة الأساسية. تلاشى الشعور بالأمان بالكامل، وأصبح المواطنون يعيشون في حالة من الخوف والذعر المستمرين، حيث تحولت حياتهم اليومية إلى كابوس لا ينتهي. مدنهم، قراهم، وبيوتهم التي كانت يومًا ملاذًا آمنًا، أصبحت أهدافًا مباشرة للقصف، مما زاد معاناة الأُسر والأطفال بشكل خاص.
في هذا السياق المأساوي، لا يمكن تجاهل ضعف القرارات الدولية. رغم وجود قوانين تنظّم الصراعات المسلحة وتحمي المدنيين، إلا أن تلك القوانين تبدو عاجزة أمام عنف الواقع. تتكرر الدعوات لوقف إطلاق النار، لكن بلا جدوى، إذ يستمر العدو في انتهاكاته، مما يثير الشكوك حول قدرة المجتمع الدولي على حماية الحقوق الإنسانية.
في ظل هذه الحرب وهذا الواقع الأليم، تبدو الدولة اللبنانية عاجزة ومنهارة، غير قادرة على مساندة شعبها النازح بسبب تفشّي الفساد والنهب. هذه الممارسات أضعفت الدولة وأهدرت مواردها، حيث استُخدمت لأغراض شخصية بعيدًا عن مصلحة الشعب. المواطنون فقدوا الأمل في التغيير أو التقدّم، وباتوا يشعرون بأنهم يخوضون معركة غير متكافئة.
كيف يمكن لوطن أن يصمد أمام هذه الحرب في ظل تلك الظروف القاسية؟ غياب العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات بشكل عادل يزيد من شعور المواطنين بالظلم والمعاناة. فالتاريخ يؤكد أن الشعوب التي تُحرم من حقوقها الأساسية لا يمكن أن تقف صامدة أمام عواصف الحروب. ومع ذلك، ورغم كل هذا الدمار والاعتداءات الصهيونية على لبنان، نجد مقاومة صلبة وجبارة، تمتلك العزيمة والإصرار والإيمان بالدفاع عن أرضها وحقوق شعبها، وتواجه العدو العنصري المتغطرس بثبات وجسارة.

الحرب قاسية ومدمّرة، والعدو لا يعرف الرحمة، مما جعل الوطن يغرق في حالة من انعدام الأمن والاستقرار، مهددًا بذلك مستقبل الأجيال القادمة. في ظل هذه الأوضاع الخطيرة، يجب على جميع الأطراف المعنية أن تقف وقفة حازمة. من الضروري إيجاد آليات فعّالة لوقف هذه الاعتداءات وحماية المدنيين الذين يعانون من ويلات الحرب. إن تعزيز التضامن العربي والدولي بات أمرًا لا غنى عنه لرفع الظلم، وإحياء الأمل في بناء وطن يسوده الأمان. كما يجب أن يبقى صوت الضمير الإنساني قويًا، مع تضافر الجهود لحماية الإنسان وكرامته.

اترك تعليقاً