وإن اختلفتِ الأسماءُ | شعر: أحمد زكارنة

صورة أحمد زكارنة

وإن اختلفت الأسماء

شعر: أحمد زكارنة

الأندلس، في زمنِ محاكمِ التفتيش، كتبَ أحدُ الأحبارِ اليهودِ قبلَ الحكمِ عليهِ بالموتِ بتهمةِ الهرطقةِ، رسالةً مشفَّرةً إلى ثلاثةِ أشخاصٍ، تحتوي على خريطةٍ منَ الألغازِ، قائمةً على دلالاتٍ مستمدةٍ منَ الدياناتِ الثلاثةِ، تدلُّ على كتابٍ يحملُ جواباً يقينياً عن حقيقةٍ مطلقةٍ موجودةٍ على لوحٍ أزرقْ، وهو عنوانُ روايةٍ كتبها “الفرنسي جيلبرت سينويه” (اللوحُ الأزرقْ)، والرجالُ الثلاثةُ هم: الحبر صموئيل عزرا ، والشيخ ابن سراج، والراهب الشاب رافئيل فارغاس. هكذا راحوا يخوضونَ غِمارَ مغامرةٍ محفوفةٍ بالمخاطرْ، قاطعينَ أراضي إسبانيا طولاً وعرضاً، وهم يتبادلونَ المعلوماتِ لفكِّ الشيفرة، ليصلوا في نهايةِ المطافِ إلى الكتابِ الذي يقرأُ كلٌّ منهم فيه روايةً مختلفةً عنِ الأخرى، ولكنها تدلُّ على ربٍّ واحدْ، فبدأتِ الأولى بـِ “أهْيَهِ الذي أَهْيَهْ”، وهي عبارةٌ توارتيةٌ تعني تلكَ التي بدأت بها الثالثةُ المسيحيةُ وهي: “أنا هو أنا”، فيما كانت العبارة الثانية للمسلمين: “لا إله إلا الله”.

أَهْيَهِ..

أنا هو أنا.. قال

اسمي فتىْ،

هل لك على اسمي اعتراض؟

لي بيتٌ أو اثنان

بل قل ثلاثة

حسبي البيتُ بيتي

هل يَستأذِنُ، الآذنُ

في بيته؟

قال: لا إله إلا أنا

وأنا هو أنا

أهيه الذي أهيه

أأنت عابثٌ

أم مغرورٌ،

أم مجنون؟

قل لي أينك من أيني؟

صالحٌ، زنديقٌ، كافرٌ

أم كلٌ في الروحِ يجري؟

قل زدني،

فإن زدتَ

من فرطِ الزادِ

تصبحُ، لابدَّ، مكتملاً

آهٍ يا ربي، قلتَ

أغريباً كنتُ،

أتائهاً صرتُ،

ما طفتُ، وما صليتُ

إلا بك وكفرتُ

إلهي..

مالي وكوبُ الدم

وشطحُ الخيال

فأنا لا أنا أنا

ولا الرقيمُ نومي

فهل يستوي

الفاعل بعلةِ العللِ؟

إلهي..

قلبي الذي نادى

وناديتُ إذ ناديتُ من صمتٍ

حاصرَ سِفراً، حرّفَ إنجيلاً

وقوّل آيةً من قلبِ آيةْ.

فهل أذنبتُ؟

بشرٌ أنا، لو قيل من أنت لقلتُ،

بي شوقٌ إن بلغَ

صدَحَ في السِّرِّ والنجوى

أنا لا أنا أنا

فهل عن الشوقِ ننأى؟

أنت الربُّ الإلهُ

ضلعٌ من ضلعٍ

أخرجتَ من آدمَ حواءَ

كيلا تموتَ ولا أموتُ

أنأكلُ من الشجرة؟

أنشرب؟

هَبني من القولِ،

قولاً ما بعدَهُ قولُ

أيا منْ علا فرأى

باسمه يُغتال الموتى والأحياءُ

يُسرق الحرثُ والنسلُ والأسماءُ

ماذا عسانا فاعلين؟

والفعلُ، فعلُ صاحبِ الأمر

والأمرُ سيدُ الفعلِ إن كان مفعولاً.

ألا إن البكاء بغيرِ دمعٍ

كالجفاء ما بين نارٍ وماء

استحكمَ،

فأعادَ الدمَ إلى نسلِ الترابِ،

لكأنَّا بالروحِ روحك

وإن اختلفت الأسماءُ

 (شاعر وإعلامي فلسطيني)

اترك تعليقاً