حنا مينة وهمنغواي
كثيراً ما أطلق النقدُ الصّحفيُّ لقبَ “همنغواي الرّواية العربيّة” على الأديب السّوري الرّاحل حنّا مينة ؛ وذلك استناداً إلى اشتغاله السردي المتميز بموضوع البحر، غير أنّ قبول هذا اللّقب ينطوي على تسرّع كبير؛ لأنّ البحر لم يشكّل بالنسبة لإرنست هنغواي ما شكّله لمينة، فإذا كان ذلك الأزرق موضوع رواية نالت شهرة واسعة من روايات همنغواي هي “الشيخ والبحر “؛ فإنه شكّل موضوعاً وإطاراً وخلفية لكثير من روايات حنا مينة، يبحر فيه البحّارة ويعودون، ويموتون ويعيشون، ويهرّبون السّلاح للمناضلين ضد الاستعمار، وعلى شواطئه يبني الأطفال قصور الرّمل ويهدمونها، وتلطم النّساء رجالهنّ الذين لم يعودوا. إنه، عنده، “موضوع حياة” وليس “موضوع رواية” كما هو الشأن بالنسبة لهمنغواي.
ويمكن أن نشير أيضاً إلى أن همنغواي، وفقاً لتصريحاته، قرأ سنوات عن البحر لينجز روايته، أمّا مينة فلم يكن بحاجة إلى ذلك.