الذكاء الاصطناعي يحدد تاريخ الوفاة !
انطوان يزبك
مع كل اشراقة شمس ، تغصٓ الأخبار العالمية و وكالات الانباء بفتوحات الذكاء الاصطناعي وقدراته الهائلة على اجتراح المعجزات فهو الحافظ الأمين لدماغ العالم والكون، يعرف كل شيء ولديه حلول لكل شيء ، يعرف مواقيت الزمان وحدود الكون ويعرف متى تقوم القيامة وكل ما له علاقة بالإنسان والوجود !…
بالأمس صدرت مقالة في وكالة انباء عالمية تدٓعي أن الذكاء الاصطناعي يستطيع مع بعض المعطيات والمعلومات عن شخص ما أن يحدد له تاريخ وفاته ، والدقة في التحديد تصل إلى نسبة سبعين بالمئة، كذا وبكل فخر واعتزاز ..
أين ذهبت تعاليم من مثل : الاعمار بيد الله ، ولا يعرف متى تأتي الساعة سوى الله العلي القدير ولا تسقط شعرة من رؤوسكم الا بأمر ابيكم الذي في السماوات ؟؟..
لست هنا في صدد مناقشة المعلومة او انتقاداها او صحة الخبر من عدمه ، ولكن تهمٓني الفكرة من كل هذه المسألة ونسبة الادعاء البشري بأنه قادر على اجتراح المعجزات من خلال العلم ، والتكنولوجيا.
فريدريك نيتشة في كتابه جينيالوجيا الأخلاق يقول ما يلي :
“اما بالنسبة لانتصارات العلم التي نحتفي بها ، ولا شك انها انتصارات ولكن ، هي انتصارات على ماذا ؟ ”
فعلا وقاحة الإنسان لا حدود لها ، أن يدعي انه يقدر على معرفة متى نموت ومتى نعيش، إنها الغباوة القبيحة في أعلى ذراها ، و تجبٓر على عظمة الخالق .
كانت جدتي تقول لنا ونحن صغار :
“مين حسب لعشائه قبل تناول طعام الغداء .كان من القوم الكفار ” .
في الماضي اعطانا افلاطون عبرة من خلال أسطورة اهل الكهف المقيدين بسلاسل في داخله، ولا يرون سوى الظلال التي يلقيها انعكاس النور على الجدار. ولكن متى تحرروا وخرجوا إلى النور عرفوا مصدر الظلال وكيف تشكلت ،بيد أن افلاطون يضيف في محلٓ آخر انه لا يخشى من الطفل الذي يرتعب من الظلام فهذا امر طبيعي ،لكنه يخشى من الرجال البالغين الذين ينكرون نور الشمس وتاليا نور الحقيقة !
أن نتطور في العلوم يعتبر ذلك أمرا مطلوبا وبديعا، ولكن أن نلعب دور الآلهة فهذه وقاحة غير مسبوقة ومذلٓة للإنسان ومفهوم وجوده ، وقد بلغت درجة التفاهة والسفاهة ببعض حكام العالم والدول أن نصبوا أنفسهم آلهة الأرض يتحكمون بالبشر من خلال الحروب والتجويع وقد ملكوا على أرواحهم، وقد نسوا أن لارواحهم هم من يمسك بزمامها واستدعاء هذه الارواح بات قريبا !!…