كافٌ عابدٌ .. وحب
بقلم: الدكتور عماد فغالي
(الدكتور الناقد الرائع عماد فغالي شرّفني بكتابة مقالة مكثفة عن نصّ “لست عبدك”)
النص
لست عبدك
إنما سأكون، لو كنت قربك
العين عينك
والباء بابك
والدال دربك
والكاف كلّي يذوب بكلك
فكيف الذي أنت فيه
يكون عبداً
وقد مَنَحْتَه روح السنونو
كي يطوف سبعاً كل يوم
تحت عرشك
يا حبيبي
انت الذي الوذ من رعونتي بظلك
أصير ذرّة لا أراني
وإنما أراني كوناً بقلبك
أنور الخطيب
…………
كافٌ عابدٌ… وحبّ
بقلم الدكتور عماد فغالي
تقولُ أنور ” لستُ عبدك”. والعبدُ يتبعُ معبودَه، يلتصق به… لستَ عبده لكن ستكونه… ستلحق به، تلتصقُ بذاته… “لو كنتُ قربكَ”، لا أكون كما أنا في كينونتي، فيك! أنا عينُكَ وبابُكَ ودربكَ و… كلّي وكلّك… أنا ذرّةً أراني أصيرُ، لكن في قلبكَ أنا الكونُ أراني…
أمَا للحبيبِ العبادةُ أيضًا؟! عبدُكَ يا حبيبُ ألوذ بظلّكَ فأراني… لستُ عبدَكَ لكن عابدك أكون…
هكذا أنور الخطيب، شاعرٌ وجوديّ… الحبّ هنا وجودُه، كينونيّ العبادة، عِباديّ الحلول… يتخطّى شعرُه فعلَ الغزل… هذا شعرُ الحبّ كيانًا… فعلُ المضارع يحكي الحالةَ الوجوديّة يُخرجها من الزمن إلى المجرّد الكائن، هنا الحبّ صارَ حبيبًا وحلّ “كونًا في قلبكَ”!
لعبةٌ شعريّة فريدةُ المعنى والأسلوب، ميّزت القصيدةَ في “عبدك”. كلّ حرفٍ قطعةٌ شعوريّة، نغمةٌ إيقاعيّة في عمقٍ تعريفيّ جاءت بالمعنى التابع “العبد” إلى حالٍّ سيّدًا كلاًّ، في اتّساع المدى “كونًا”… في الحبيب وله… الكافُ من حرف جرٍّ إلى الحرف المالكِ ملكًا… القصيدةُ كلّها الكاف، عبدكَ… كلّكَ… قلبكَ… الكاف “أنتَ” كلّها… كلّك… في المكان. وفي الزمان: “لستُ عبدكَ”… “لو كنتُ قربكَ”… “إنّما سأكون”… تعانُقُ الماضي والحاضر والمستقبل في الحيلولة الواحدة “الذي أنتَ فيه”.
أنور الشاعر، شاعرٌ بما كتب، هاتفٌ بما شعَر… هذا هوُ شعرًا وشعورًا، امتدادُ صورٍ في مدّ شعرٍ ووجود… مالكٌ في الدهشةِ الفلسفةَ الجمال…