لو كنت في وطني
أنور الخطيب
(1)
لاستيقظت باكرا كل صباح
حضّرت قهوة من بذور ليلنا
وطرقت بابَ أبناءِ حارتي
واحتسينا عودتنا…
2
لأديت كلَّ صباحٍ تحية عسكرية
للصغار الذاهبين إلى النور
3
لربيت أصدقائي
كما أربي ولدي الوحيد؛
في ردائي..
4
لما تناولتُ طعاميَ وحدي
حتى أموت
وحين أموت
أموت في كل البيوت
5
لما اختبأت من الشتاء
وارتديت ثوب ماء
بعد ثوب ماء
6
لما تجاوزت حدوديَ البريةِ
والبحريةِ والجوية
وانشغلت في تطريز ثوبٍ لقامتي
من تصميم سيدتي الـ “حرية”
7
لما ضجرت لحظة
وما لعنت الحياة
وما بكيت،
وعملت خادما عند سيدي؛
“قنديلُ زيت”
8
لمشطت موجَ البحر
وقتَ المدّ
ووقتَ الجزر..
9
لأعدت الخيولَ إلى برّيتها
والمواشي إلى سهولِها
والحساسينَ إلى أصواتِها
وصادقتُ الوعول..
10
لعلّمت النساءَ فنَّ الحربِ والقيادة..
والرجالَ بهجة الحملِ والولادة..
11
…..
لجمعت الحمامَ الأبيض
صنعت من وجع الهديل
ألفَ جوقةٍ للصهيل
12
لأعطيت إجازة مفتوحة
لحراس الأفكار
13
لأقمت الحد
على كل قاتل ورد
14
لقاطعت منتجات النظام:
قط سمين فاسد
وكلب سكران
15
لما وضعت صليبا
وما رفعت هلالا
وما ارتديت قلنسوة
وما أشعلت نارا
وما صنعت تمثالا
وما علقت صورةً
وما هتفت لرمزٍ أو لفرد…
وطني.. “لم يكن له كفوا أحد”
16
لما نزفت شعرا
وما نسجت نثرا
وما رسمت لوحة
وما عزفت موسيقى
وما وقفت على مسرح
ولا خلف ميكروفون
ففي وطني..
يقول لي الصباح كن..فأكون:
قصيدةً على جناح فراشة
روايةً في عينيّ فلاح
موسيقى في خصلات عاشقة
لوحةً على وجه غيمة
مطراً.. يهطل منّي .. وعليّ
لا فرق في وطني..
أن أكون عاقلا أو مجنونا
شجرةً أو قبّرة
ففي وطني..
يقول لي المساءُ كن جدولاً
ويعني.. أن أكون نهرا
وبحيرة ..
وأن أكون لغما
يعتريه الصهيل
إذ تمر مجنزرة