كوجه صبيَّةٍ يزهو دلالا
بدت كالبدر إذْ تمَّ اكتمالا
لها جسدٌ كشلالٍ خجولٍ
برقصة خصرهِ يغوي التلالا
وقد حار العطاشى في عيونٍ
أتسقي الماءَ أم تسقي الجمالا؟!
وخداها من التفاح نسلٌ
فمنها قبلةٌ.. تملي السِلالَا
ضفيرتها يفوح المسك منها
وثغرٌ باسمٌ يطوي سؤالا
وفستانٌ تلوح به بغنجٍ
وقد أمست بخطوتها غزالَا
مع الأعوام قد رُزقت ببنتٍ
وقد كانت تماثُلها الخصالَا
وهذي البنت قد لفتت بيومٍ
عدوًّا ماكرًا يرجو الوصالا
وبعدَ الصدِّ قد هبَّ انتقامًا
بليلٍ غاسقٍ ينوي القتالا
وما إنْ جاء حتى راح يسطو
على الدار التي منها أسالَا
جراحًا ما سرت إلَّا لقهرٍ
فدار الحُسن عنها الحُسن مالَا
على أمٍّ.. على بنتٍ وأرضٍ
أثار الحربَ.. قد أبدى احتلالا
وفوق الجرح قد رقص ابتهاجًا
بفوزٍ ظنَّه الخصمَ ارتجالَا
فهذي قصةٌ كُتبت بنزْفٍ
وليست قصةً نُسِجتْ خيالَا
هي الأمُّ التي نُحِرت بصدرٍ
فلسطينٌ أيا أمَّ الثكالى
هي القدسُ الأبيَّة رغم قيدٍ
وقبلةُ عابدٍ عشِق النضالَا
ومازال العدوُّ بكلِّ خبثٍ
يدسُّ الأرضَ أوجاعًا ثقالَا
فيزرع في الثرى المُدمى شهيدًا
ويحصدُ يافعًا ورِث المثالَا
فمهما القهر هذي الأرض غطَّى
ومهما جرحها نزفًا أطالَا
فإنَّ النصر في يومٍ سيأتي
من الجبَّار يخترقُ الضلالا
وليلُ الجور عن شعبٍ سينأى
وشمس القسط لن ترضى الزوالَا
وصوتُ الحق يصدح في الأعالي
أعادي الله قد شدُّوا الرحالَا
وتلك البنت تهمس في سجودٍ:
أيا أمَّاهُ قيدُ الأسرِ زالا!