الضعفاء والرعناء وأصحاب الذوات المتورمة والذين لا ينظرون ما في أنفسهم والمكابرون والمتكبرون من أفراد وحكومات ودول، غالبا ما يحمّلون الآخر سوء أفعالهم، وخيباتهم ونزواتهم، ويحولون أنفسهم إلى ضحايا، وينتظرون العالم أن يقدّم لهم كل يوم اعتذارا ويدلل نفوسهم المريضة. يمارسون هذه العنجهية مع كل من يتعاملون معه، اقاربهم، أصدقائهم، جيرانهم، حتى باتوا يشكلون عبئا على الآخرين وعلى أنفسهم وهم لا يدرون، أو يدرون ويغمضون أعينهم عن الحقيقة التي يرفضون الاعتراف بها لخلل في تكوينهم النفسي والروحاني.
هؤلاء من دون استثناء، وجدوها فرصة سانحة ليحملوا العام 2020 كل فشلهم وخطاياهم وخطيئاتهم وأخطاءهم، وهي من دمهم بريئة كبراءة الثعلب من دم يوسف. يحمّلون التقويم الميلادي والهجري فسادهم وفشلهم وكأن الأيام والشهور كائنات شيطانية خرجت من باطن الأرض وراحت تعبث بمصائرهم وحياتهم، بينما التقويم ليس أكثر من عملية حسابية فلكية اخترعها الإنسان ليهتدي بها ويتعامل مع الزمان.
عام 2020 ليس المسؤول عن جائحة كورونا وتداعياتها، هو لم يخلق الفيروس أو يخلّقه، ولم يتاجر بالدواء واللقاحات وأجهزة التنفس، ولم يسرق المساعدات الطبية والمستشفيات الميدانية التي تبرعت بها الدول. عام 2020 لم يمنع الحكومات من الوقوف إلى جانب الأفراد الذين أُجبروا على البقاء في منازلهم من دون دخل، أو إلى جانب المؤسسات التي أمروا بإقفالها ريثما تمر الجائحة، وعام 2020 لم يلعب دورا في تعاظم الفساد الذي أدى إلى الإفلاس والعجز المالي، ولم يشجع على الطائفية والمذهبية والمناطقية والحزبية، لم يتاجر بحاجات الناس ومتطلباتهم، ولم يؤخر تشكيل حكومات أو البدء في المصالحة بين القوى الوطنية المتصارعة، ولا دخل للعام 2020 بالكوارث التي أصابت الأفراد والحكومات والمرافق الحيوية، ولم يمنعهم من إعادة البناء. لا دخل لعام 2020 بفوضى المرور والأسواق والمستشفيات وانعدام الأمن في أكثر من دولة، لم يمنع المسؤولين من القيام بواجباتهم وتعزيز انتمائهم لأوطانهم.
عام 2020 لم يرسل السيد أيار أو حزيران أو تموز ليمهد للتطبيع الجماعي مع الكيان الصهيوني، ولم يهمس في أذن أحد بإعادة التنسيق الأمني مع الصهاينة والتنازل عن حقوق اللاجئين، ولم يقد طائرات حربية ليقصف الناس في بيوتهم والجنود في مواقعهم، ولم يمنع أحداً من الرد على العدوان، عام 2020 لم يقم باغتيال أحد أو التآمر على أحد، وهو لا يعمل وسيط مفاوضات من تحت الطاولات.
عام 2020 لم يطلّق أحدا من زوجته أو زوجها، لم يوسوس في صدر أحد ليغتصب ابنته أو جارته، ولم يحرّض أحداً على سرقة البيوت أو نهب المتاجر أو احتكار المواد الأساسية. عام 2020 لم يمنع أحداً من القراءة والكتابة والتأمل، لم يمارس البلطجة والتشفيط في منتصف الليل في الأحياء الهادئة.
عام 2020 بريء من دمكم وفشلكم وفسادكم وتجاراتكم وكفركم وأمراضكم وموتكم وتشردكم وخساراتكم، فلا تحمّلوه ولا تلعنوه، لا أحد يلعن الزمن أو الدهر لأن الدهر هو الله.
سيكون 2021 مثل سلفه عليكم، وربما أشد قسوة، لو واصلتم رعونتكم وفسادكم وطيشكم وإهمالكم وفوضاكم ولامبالاتكم واحتقاركم للقوانين وسرقاتكم وخياناتكم وجشعكم واتكاليتكم وكسلكم، لو واصلتم الابتعاد عن أنفسكم، لو تركتموها بلا حساب أو محاسبة، لو لم توجهوا لها النقد القاسي، لو لم تحاكموها بصدق، لو لم تتخلصوا من رعونتكم وأنانيتكم وكذبكم على أنفسكم.
عليكم أن تعتذروا من أنفسكم أولا لأنكم تماديتم في تخريبها وإهمالها، ثم الاعتذار من الآخر الذي ظلمتموه وتآمرتم عليه وحملتموه أخطاءكم وجحودكم.
اعتذروا من عام 2020، فهو الصورة الكارثية لأنفسكم، وادخلوا العام 2021 بتواضع وطاقات إيجابية ونوايا حسنة تجاه أنفسكم والآخرين. التواضع والنقاء كفيلان بشفائكم، شفاكم الله.