اللغة العربية.. وهْمُ المجد والبقاء
بقلم: أنور الخطيب
مسكينة لغتنا العربية، خصصوا لها يوما ليتذكروها ويدبّجوا المقالات في حبّها ومكانتها، بينما تعاني من الإهمال الرسمي والشعبي والأكاديمي، حتى تكاد أن تتحول إلى لغة ثانية للتعليم في معظم جامعاتنا العربية، لأن اللغة الأولى هي اللغة الإنجليزية بصفتها لغة سوق العمل، ولأنها اللغة الأكثر إنتشاراً حاسوبياً، ومن لا يجيد اللغة الإنجليزية أو أي لغة أجنبية عالمية كالفرنسية فإن حظوظه في العثور على فرصة عمل ضئيلة جدا.
قوة اللغة من قوة المتحدّثين بها، ونظرة سريعة على (الأمة) العربية سنكتشف أنها أمة اتكالية وسوق لمنتجات العالم، بما فيها المنتجات الثقافية والفنية، فهي تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تنسج وتقرأ ما لا تكتب، فإذا توقفت الولايات المتحدة عن إرسال القمح تموت الأمة من الجوع، وإن أقفلت قنوات الشبكة العالمية للمعلومات خوادمها تضيع الأمة وتفقد بياناتها، وإن أوقفت الدول المصنعة للأسلحة تزويد الأنظمة بها ستتحول أسلحتها إلى خردة، حتى حبر المطابع يتم استيراده من الخارج، وقريباً، مع هجمة التطبيع مع العدو الصهيوني ستغزوا جامعاتنا ومؤسساتنا الخبرات الإسرائيلية والأجنبية، وسيصبح تعلّم اللغة العبرية إجباريا، فأين ستنزوي اللغة العربية المجيدة بعدها، وأين سيختبئ الناطقون بها.
زيارة واحدة للجامعات العربية الحكومية والخاصة والمدارس الخاصة العربية كفيلة بكشف ورقة التوت عن وهم مجد اللغة، لغة التعليم ليست عربية، والحوارات بين الطلاب لا تدور بالعربية،والمناهج ليست عربية ومعظم الكتب في المكتبات الجامعية والمدرسية ليست باللغة العربية. فعن أي مجد يدور الحديث أيها السادة؟
أما الإعلام العربي فهو المرآة الأكثر قدرة على ترجمة تراجع اللغة العربية استخداما وإجادة. وتكاد تكون النشرة السياسية هي الوحيدة التي تُقرأ بالعربية، وهناك نشرات إخبارية تُقرأ باللهجات، هل تصدقون ذلك؟ أما البرامج فهي غارقة في استخدام اللهجات المحلية المقعّرة، ويتندّرون على من يخطئ ويستخدم مفردة فصيحة ويقولون له (عم تحكي مكسيكي منيح!!!).
مسكينة لغتنا العربية من قمة الهرم حتى قاعدته، ونحن على استعداد للتحدي: هناك رؤساء دول وحكومات ووزارات ووزراء ونواب لا يجيدون الحديث باللغة العربية، ومنهم وزراء ثقافة وتعليم وتربية، وقد فضحتهم كلماتهم في الجلسات المنقولة على الهواء مباشرة.
مسكينة هذه اللغة: انظروا إلى كم الأخطاء في إعلانات الشوارع وشرائط الأخبار في التلفزيونات، ناهيك عن أن الإعلانات واليافطات باتت تستخدم اللهجة المحلية.
مسكينة هذه اللغة العربية، ومساكين أصحاب القرار العرب وهم يتحصنون بجامعة الدول العربية لحماية التخلف والتشرذم والوهن من دون أي مبادرات حضارية تذكر..
مساكين نحن ونحن نضحك على أنفسنا وعلى ألاخرين..
قليل من الحقيقة تكفي لتصويب الاحتفاء