رواية عين الحسناء لحارب الظاهري ..عمل أدبي مكتوب بعاطفة وطنية وإنسانية عالية.. بقلم أنور الخطيب

رواية عين الحسناء لحارب الظاهري ..عمل أدبي مكتوب بعاطفة وطنية وإنسانية عالية.. بقلم أنور الخطيب

 

رواية عين الحسناء لحارب الظاهري

عمل أدبي مكتوب بعاطفة وطنية وإنسانية عالية

بقلم: أنور الخطيب

“عين الحسناء” هي أحدث الأعمال الإبداعية للأديب حارب الظاهري، رواية مفعمة بالحب والمشاعر الدافئة، الإنسانية والوطنية، ومنسوجة بروح إيجابية عالية، فعلى مدى صفحاتها التي تجاوزت الثلاثمائة بقليل، يصف الكاتب بلغة شعرية الأماكن القديمة والحديثة، ويرسم الشخوص بريشة الفنان المتماهي مع خطوطه وألوانه ومساحات لوحته، حتى ليشعر القارئ أنه أمام نشيد في مقام السرد.

تكشف الرواية عن ذاتها بتمحورها حول ثنائية الماضي والحاضر، من خلال شخوص عريقة وأمكنة طاعنة في الزمن، وشيئا فشيئا يتعانق عنصرا الثنائية فيفضي الأول إلى الثاني والثاني إلى الأول ويتحدان فكريا بواسطة سرد شيّق، ليقول الكاتب أن الماضي هو أساس الحاضر وقاعدته وأساسه، مثلما الحلم أول خطوة نحو تحقيق الإنجازات. فالرواية تبدأ بحلم وتنتهي بمواصلة الحلم، تبدأ بحلم رسام لـ”عين الحسناء” وتنتهي بالتوغل داخل اللوحة لتتسع العين أكثر وتزداد الحسناء حُسنا.

أسماء الشخوص ليست مهمة في الرواية، فهي تتحرك في أمكنة محدودة ماديا لكنها تتوق للتحرك في فضاءات أكثر اتساعا، وأسماء الأمكنة لا يظهر منها سوى حارة الحميراء، التي ينطلق منها الكاتب ليصف مرارة الحياة في الماضي (ويحببنا بهذه المرارة) بوصف الماضي يشكل عراقة المكان والشخوص، أما الرسام الذي يحاولون إحباطه بوصف الرسم بالعمل المقيت، فإنه يصر على إنجاز لوحته لعين الحسناء، مرة باللجوء إلى الحلم ومرة بالرسم وأخرى بالحديث عن الرسومات بتشجيع من صديقة.

الرواية هي حكاية لمسيرة وطن، وعين الحسناء رمزه الفخم، والرسام هو الباني والمصر على إنجاز اللوحة، ويوحي الكاتب إلى أنه من دون الاستغراق في الحب والدخول في حالة العشق لا يمكن تحقيق أي عمل فنّي أو إنساني، فالحب هو الذي نقل المكان من جغرافيا بلا تعليم إلى مرحلة تزدهر فيها المدارس، ومن بيئة لا أعمال فيها إلى أخرى توفّر الوظائف لأبناء الوطن.

لا شك أن موضوع الماضي ومرارته وعراقته والحنين إليه شغل مساحات واسعة من اهتمامات الكتاب والروائيين في دولة الإمارات والخليج العربي، وهذه الرواية إضافة نوعية لتلك الجهود، وما يميّزها تعاملها مع الماضي وشخوصه بلطف، فلا شخصيات شريرة ولا مجنونة ولا كسولة، وهذا لا يعني أنها خلت من التوتر الدرامي، ويكفي هاجس تحقيق الحلم وإنجاز لوحة لعين الحسناء والتمسك بعشقها وخوفه من فقدانها حتى يبث التوتر في مفاصل الرواية.

لقد تعامل حارب الظاهري مع الزمن بمرونة أضفت على سياق السرد الدرامي جمالا، وهذا ما يحدث غالبا مع الأعمال الرمزية، فقد كان يصف الماضي وعينه على الحاضر، يسرد مرارته وينعم بالواقع، يجعل بطله يعشق الحسناء ولا يضع حداً لأحلامه، وهذا ما شكّل صعوبة أمام الروائي في إنهاء الرواية، وهذه الصعوبة تنتقل إلى القارئ أيضا فيستعجل الانتهاء من الرواية.

عين الحسناء عمل درامي ممتع وإضافة مهمة لنتاجات حارب الظاهري وللجهد الروائي الجاد في الإمارات العربية المتحدة، ونموذج للرواية الوطنية.

حارب الظاهري، روائي وشاعر وكاتب صحفي من الإمارات العربية المتحدة

اترك تعليقاً