كسرتم ظهري يا أبناء الـ………   بقلم: أنور الخطيب

كسرتم ظهري يا أبناء الـ……… بقلم: أنور الخطيب

كسرتم ظهري يا أبناء الـ……

أنور الخطيب

لايزال القادة الفلسطينيون قادرين على الدهشة المبكية بلغتهم المضحكة حتى الثمالة، وتصريحاتهم السخيفة حد الرثاء، لا يزال المتشدقون بالوطنية يتحدثون عن ضم الضفة الغربية بلغة السكارى (المطفيين)، وكأن موضوع ضم الضفة لم يتم أو أنه في خيال الإسرائيليين الجامح، وكأن الضفة الغربية منطقة تقع في آلاسكا، يتحدثون كأنهم يستنمون، يمضغون الأفكار ويجترون التصريحات كأن شعبهم مصاب بمتلازمة داون سندروم، أو بالزهايمر أو الخرف الشديد أو كأنه فاقد الذاكرة كلياً، يخاطبونه بلغة مشبعة بالميوعة والتخاذل والتآمر، حديثهم فضيحة الفضائح في هذا الوقت بالذات، لا ينم إلا عن انبطاح أمام المشروع الإسرائيلي، يعلنون أنهم سيواجهون الضم بالمسيرات السلمية والشعارات والهتافات، يرسمون مشهدا يضحك الإسرائيليين ويعزّز ثقتهم بأن هؤلاء القادة لا يصلحون لقيادة نملة عرجاء. وعندما ينتهون من تقيؤ الكلام يشعرون أنهم أدوا واجباتهم فيناموا إلى أن يصادر العدو شيئا آخر من لحمنا.

لم تكن القيادة يوما ما على قدر طموحات الشعب وقدراته وتضحياته، منذ أن كانوا يعبثون بالبندقية وبمصير الشعب وطاقاته في شوارع عمّان وبيروت، إلى أن عادوا محملين بالأوهام إلى قطاع غزة والضفة الغربية، والنتيجة أيها القادة الأشاوس بعد سبعين عاما من (النضال): لديكم شعب في أراضي السلطة الوطنية يريد الهجرة هربا من سوء إدارتكم وسوءاتكم، ولديكم شعب في المخيمات يعاني من الجهل والفقر وانعدام الأمن والقهر اليومي والأمراض، تتاجرون به وتسرقون مخصصاته وميزانياته وتصل الدناءة إلى سرقة رغيف الخبز وحفنة الطحين، و(الكراتين) وتساومونه على شرفه وعرضه. ولديكم مؤسسات في الداخل الفلسطيني ينخرها السوس والفساد والمحسوبية والشللية والقبلية، ومؤسسات في الخارج الفلسطيني (المخيمات) تدرب الناس على الخيانة والخنوع والفوضى واليأس، وهم أيضا يبحثون عن الهجرة التي صارت مطلبا.

لغتي مباشرة، لا مجال للتخفي وراء الرمز والبلاغة، ينتابني ضحك مؤثث بالقهر والبكاء وأنا أرى القيادات على شاشات التلفاز يتحدثون عن (النضال)، لا يزالون يحقنون الحلم الفلسطيني بالمخدّرات، معتقدين أن فلسطين الحلم لا تزال حية في نفوس الشعب، معتقدين أن الشعب سيخرج للساحات هاتفاً بأسمائهم المترهلة. وآخر النكات تتمثل في وقف الخلافات بين حركتي حماس وفتح نظرا لمشروع ضم الضفة. أخخخخخخخخخ.

يكفي ضحكا على هذا الشعب المسكين المشرد المأزوم بألف أزمة وأزمة، يكفي متاجرة بالأجيال التي جهّلتموها بعد أن كان الشعب الفلسطيني من أكثر الشعوب تعليما في العالم. الشعب لا يريد وطناً فلكلورياً، الوطن ليس دبكة وثوباً مطرّزاً ونشيداً وعلماً فحسب، الشعب يريد استرداد الأمل الذي ذبحتموه بسواطيركم، يريد الكرامة التي هدرتموها ولوثتموها، يريد استعادة روحه المعنوية التي وضعتموها في الحضيض (هل تتذكرون أن لديكم إدارات للتعبئة؟ أطمئنكم أنها نائمة). فيكفي تآمراً على الشعب الذي جزأتموه وقسمتموه وقطعتموه لأسباب شخصية رديئة وعفنة. الشعب الفلسطيني بات أكثر من شعب بفضل إتجاركم بالبشر.

ضحكت حتى سالت دموعي هذا الصباح وأنا أسمع أحد القادة على قناة الجزيرة وهو يقول: (إذا ضمت إسرائيل الضفة الغربية بشكل فعلي، سيكون لنا كلام آخر..)، يا ابن الـ….. هكذا جعلتني أصرخ، إسرائيل تسكن غرفة نومك وطعامك وشرابك وأحلام أطفالك ومقاعد مدارسهم، وكل تفاصيلك السرية والعلنية، يا ابن الـ….، أمامك خياران، إما أن تكون عميلا حقيقياً فيعرفك الناس، وإما أن تكون وطنياً ومناضلا حقيقياً ويعرفك الناس، أما هذه اللغة العاهرة فلا تليق بقيادي وإنما براقصة ستربتيز. وقس على ذلك في الصفوف الأولى والثانية والعاشرة.

أيها القادة، قتلتم فرحي..وكسرتم ظهري..

أعلم أن أحدكم يقول الآن: (سنكسرك ظهرك فعليا يا ابن الـ.. جاي تبيعنا وطنيات..؟؟؟).

هذه هي لغتكم التي نعرفها (من الزنار وتحت). وهذه هي ديمقراطيتكم. الويل لكم من التاريخ والأجيال.. ومن الله.

 

اترك تعليقاً