عينان زيتيتان
بقلم: سوسن بُنّي
حلمتُ ، يا سادة .. يا حضور
بأني محاطةٌ من قِبَل جموع
و حبل المشنقة حول عنقي موضوع
و أصوات أناسٍ تأتي و تروح
اقتلوها .. اشنقوها لا ترأفوا بها
و إذ بصوت شيخٍ يأتي: يا بنيتي .. اطلبي .. تمنّي .. لا تخجلي
أمامك خمس دقائق و ترحلي
………
دمعت عيناي و انحنى رأسي
و قلت : يا شيخي
لم أكن أدري ، أنّ المرأة إذا أحبّت في بلدي
تُحتَقَر .. تنتبذ ..
و تُرجَم كما يُرجَم إبليس في موسم الحجِّ .
………
يا شيخ الإسلام
أليسَ الحبُّ كالغذاء و الماء و الهواء
فلماذا نقتله و هو نعمةٌ أُنزلت إلينا من السماء
و لماذا نحرّمه ما دام هبّةً وهبها إيانا إله السماء
لم تكن غلطتي
لقد سمعت أنَّ الحبَّ قد شُرّعَ في كلّ زمانٍ و مكان
و بين جميع الأجناس و لدى جميع الأديان
فلماذا يعيش هكذا الإنسان ؟! …
بلا توازنٍ …
مخالفاً قانون الطبيعة .. و الكون المزدوج الأركان
لماذا يعيش هكذا الإنسان !!
……….
يا بنيتي .. كفاكِ هذراً ..
اطلبي .. تمنّي .. أسرعي
لم يبقَ أمامك من الوقت سوى دقيقتين
اطلبي فيها ما تشائين ..
رجالاً .. مالاً .. كنوزاً .. وِلدان
……….
لا أريد سوى عينينْ ..
أطلقتها صرخةً وصلت إلى أبعد الآذان
لألقى ذهولاً و استهجاناَ
حتى من ذلك الشيخ الخرفان
ضحكتُ في سرّي من ذلك المشهد
و قلت لنفسي فلأذهب ..
فلم يعدْ لي متّسعٌ في ذلك المكان
الذي يغصُّ بأناس لا يعرفون سوا الحرمان
……….
أغمضت عيني ، و ما هي إلاّ ثانية ثانيتين
و انتقلت بعدها إلى جنّةٍ ، بل قل جنتين
شاهدت فيها ما لايعدّ و لا يحصى من الفتية و الشبّان
سبحان الله .. قوام ممشوق .. و عيون ساحرة و وجوه نيّرة .
عيون عسلية .. و أخرى بنّيّة و هاتان زرقاوتان و تلك سوداوان
اختاري ما تشائين .. و كله محقق لا محال
……..
أبيتُ و استكبرتُ و كاد ربّي عليّ أنْ يحلّ لعنته
لولا عينين زيتيتين .. استوقفتاني و نادتا علي
أنا هيَ …
عرفتها .. إنها عيناك .. كيف أخفيتها و عنّي خبأتها
و اجتمع أهل الجنّة و الأخيار
و قالوا لي : اختاري ما تشائين .. و كلّه محقّقٌ لا محال
و لتسرعي قبل فوات الأوان و يُزَجَّ بك في النار
اختاري ما بين تلك الألوان
و بكلّ عزيمةٍ و إصرار
اخترت يا حبيبي لونَ عينيكَ الزيتيتين ….
و نجوت من النار
و أفقت من المنام …