هنا نلتقي
أنور الخطيب
لست ابن عمّي..
سياسة
أحدهم طالب أن تمنح جامعة الدول العربية “إسرائيل” مقعداً، وطالب الفلسطينيين بالتوقف عن المطالبة بحل الدولتين، وأن يرضوا العيش في “دولة إسرائيل”، ولن تمر سبعون سنة أخرى حتى يجد الفلسطينيون أنفسهم يحتلون الغالبية العظمى من السكان، أي، إنه يراهن على حرب الأرحام، وعلى الأم الفلسطينية الولود الولادة.
أولا، “إسرائيل” لن ترضى إلا بتغيير ميثاق جامعة الدول العربية، وإلغاء اتفاقيات التعاون بين الأعضاء، وأن تضاف اللغة العبرية كلغة رسمية في التداولات، وأن يجيد كل ممثل في الجامعة اللغة العبرية، وهنالك شرط أخير قد لا تضطر “إسرائيل” المطالبة به وهو: أن يكون أمين عام جامعة الدول العربية العربية إسرائيلياً، وأن يكون مقرها في القدس، طبعاً هذا الاقتراح سيفرح أعضاء كثيرين وسيجعلهم ينتفخون انتشاء صارخين: الله أكبر، إنه انتصار للدبلوماسية العربية الذكية بامتياز.
أعلم جيدا أن المهزوم دون أن يخوض حرباً لن يفكّر بالانتصار، ولكن بمزيد من الهزائم، أما المهزوم نتيجة معركة أو معارك، يفكر بالانتصار.
هنالك فرق
بين يدين مبللتنين
بماء الورد
ويدين مشتعلتين
بماء النار
الفرق ذاته
بين الفحيح وبين الكنار
ابن العم!؟
لست ابن عمي كما قد يكذب التاريخ، فابن العم لا يكون حقيراً وحقوداً وحسوداً، ولا يكون قاتلاً ومجرماً وسارقاً ومزوّراً، ولا يغيب آلاف السنين عن الأرض التي يدعي أن الله أورثه إياها.. فالله لا يعمل في العقارات، وليس له أبناء يورثّهم، ولا يفرّق بين خلقه ولا يعمل في مشرحة، ليعطي هذا المن والسلوى.. وذاك مذبحة.
لست ابن عمّي، لن أسكن في ذات البيت معك، لن أتقاسم الحنطة معك، لن أقسّم صوت الله بيني وبينك، ولن يكون المسيح لك، ولا موسى لك، فلي أنا وحدي، كل ما تدعي أنه لك.
وأخاطبك أيضا كما خاطبك الشاعر الجميل إيهاب بسيسو:
لَملِمْ حِصَارَك فِي عَتمَةِ النُّحاسْ
فَلَنْ يُعطِيكَ الوَقتُ المَسكونُ بالبَارودِ حُلمَاً إِضَافِيّاً
مِن دَم ِالسّنَابِلْ …
خَلفَ كُلِّ جِدَارٍ مُحَاصَرْ …
امرَأَةٌ تُعدُّ الخُبزَ و إِبريقَ الشَّاي
لِنَهارٍ يَتَشَكَّلُ عَلَى كِيس ِ الرَّملْ …
فيروز
هنالك سرٌ حقيقيٌ في أغاني فيروز، الأغنية ذاتها تنبش أوجاعك مرةً وترسم على قماش روحك الفرح مرة أخرى، وحين تكون بين البينين، تكون منفصلا عن ذاتك.
اعتدت أن أستمع إلى فيروز وأنا في طريقي إلى العمل، أستمع إلى الأغنيات ذاتها، مرة تفتح مسامات روحي وترميني في البحر بحّاراً مغامراً، ومرة تثير حزناً دفيناً وتدفعني دفعاً للعودة إلى البيت.
هذا الصباح استمعت إلى فيروز كالعادة، لم يرمني صوتها في البحر، ولم يحرّضني للعودة إلى البيت. لم أكن منفصلا عن ذاتي، لم تشتّتني فكرة ملعونة، اكتشفت أنني كنت استمع طوال الطريق إلى أغنية واحدة فقط، كانت تتكرر كماء غدير، اكتشفت ذلك حين تحولت عيناي إلى بحر، لكنني لم أعد إلى البيت، كانت فيروز تغني: أمي يا ملاكي، يا حبّي الباقي إلى الأبد، ولا تزل يداك أرجوحتي ولا أزل ولد.
يا صديقي
لا تتصل بي ولا تعدني
ولا تفرش الطريق بالورود،
ولا توهم الطفل بي أنني أعود،
لا تعانقني عند الحدود
كطفلٍ قادمٍ من الضياع،
فبعد قليل..
ستحضنني في مقام الوداع.
الحدث الفلسطيني http://www.alhadath.ps/article/35584/هنا-نلتقي