الشاعر في عزلته …………..
أنور الخطيب
في لحظات الحصار
حين يُقتلع الصوتُ من المزمار
والماءُ في الآبار
يلجأ الشاعر عامداً للسجع المملِّ
كي يؤدي رقصة الحياة بلا حياء
أمام عشيقةٍ سيرفعها بعد لقاء قصيرٍ
إلى قصر غيماته تحت الرداء،
ليس للعري شأنٌ في التفاسيرِ اللئيمة
إنما، لأن الشاعرَ مؤمنٌ وتقيّ
ومنشغلٌ بفكرة التحنيط..
يرفض الانتحار..
وبعد زجاجةٍ من نبيذ الفراغِ
يحتسي كأسين من فودكا المتاهة
ثم يلقي خطبةً باكيةً على نهد النهار
ويبدأ بالدوران حول كلامٍ أجوف
مصادرٍ من الأخبار
ومن حنجرة الكنار..
فيعلن مرةً موقفه الرديء أنه ضد التتار
ومرة برعونةٍ .. أنه قاب قوسين أو أعلى
من ارتداء حزامٍ ناسفٍ
ليطلقَ في الليلِ ألفَ شجار،
هو السّجعُ المقيتُ يلاحقه
من زاويةٍ في ملهى المعلقات
إلى زاويةٍ لغِلمان الحداثة..
من طبلةٍ شرعيةٍ ودفٍ مدوزنٍ
على خصر جاريةٍ
إلى سيفٍ يهمّ بذبح التشابيه
فراراً من تهمة التناص
وتالياً، من لعنة الكفر والتسفيه والكفّار،
الشاعر في عزلته
أكثر من غزالٍ بقرنين مرتدّين
وأنيابِ ضبعٍ مخيف،
وفي خروجه ينشر الشك
في صهيل الفصول..
الشاعر في محصّلة التفاسير
وفي جلسات الفتنةِ .. غول!
هكذا.. يراه الخائفون من السباحة
في البيان..
حاملوا الغنجَ في عباءةِ الصولجان،
الشاعرُ، عند اكتمال الحماقةِ
ليس ابن هذا الزمان
وليس لهذا الزمان
هكذا يَفتي المولّهُ بالتعدّد والتّعربد
إذ، يخشى على باب الحريم من التشقّق
أو، على قلوب الصغيرات
أن تصفق للأنوثةِ
إذ، تمر عصفورةٌ في رؤى العصيان،
ولا بد من صلبه ونفيه
كي يُصَفّى الهواءُ من الكلامِ
أي، من شهقة الإدمان..
فلا تلوموا شاعراً.. يبلل الريشةَ بالنبيذ
ليكتب النسيان،
ويبحث كالوليد بين ثدييّ امرأةٍ
عن السلام..
ليستلذ بالحطام..