جِلْدُ الفلسطيني وظِفْرُه
تاريخ النشر: 22/02/2016
عبدالله السويجي
الدم الفلسطيني يُسفك في الشوارع والأرصفة بدم بارد وتوحش متجدد، من يحمل سكيناً أو يتوجه إلى جندي «إسرائيلي» أو يتجاوزه بسرعة أو يحملق في عينيه بغضب فهو إرهابي ويضمر نوايا القتل والطعن ولا بد من قتله وغرس خمسين رصاصة في جسده وتركه ينزف حتى يموت. ومن يحاول طعن جندي لا يُعتقل وإنما يُردى فوراً برصاصة قاتلة. أما من يقتحم البيوت الآمنة للفلسطينيين ومن يقتلع أشجارهم ويهدم بيوتهم فهو يدافع عن نفسه ويحمي أمنه. هذا منطق سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» العنصري، وهو منطق إجرامي يضمر بين جنباته القتل عن سابق نية، ليشيع الإرهاب بين الشباب ويمنعهم حتى من ممارسة أقل الحقوق وهو التنقل فوق أراضيهم وفي مدنهم وقراهم بسلام.
إن ما يقوم به الجيش «الإسرائيلي» هو بكل وضوح عمليات إعدام من دون توجيه أي تهمة ومن دون محاكمة، القصد منها تجذير القمع وخلق الخوف والاستكانة والرضوخ، وهذه الممارسات ضد كل القوانين الدولية والإنسانية وضد كل الشرائع، لكن من يواجه المحتل وهو الأقوى ومدعوم بأعتى القوى العالمية التي تزعم بحق المحتل بالدفاع عن نفسه، متناسين أنه يدافع عن نفسه على أرض يحتلها وينتهك حرمتها وقداستها عامداً متعمداً، ليتبرأ من أي استحقاقات.
وزيرة الخارجية السويدية «مارغوت والستروم» صرحت يوم 4-12-2015 خلال نقاش في البرلمان السويدي أن «إسرائيل» تنفذ عمليات إعدام ضد الفلسطينيين من دون محاكمة. وهو الصوت الذي يكاد أن يكون وحيداً عالمياً، أما عربياً فيكاد الصمت يخيم على الجميع في ظل انشغالاتهم المحلية والإقليمية. وهو ما يعطي الفرصة للكيان «الإسرائيلي» نحو مزيد من الممارسات التعسفية ضد الشعب الفلسطيني. والسلطة الوطنية الفلسطينية عاجزة عن القيام بأي فعل لمقاومة هذا الاحتلال، وتعتقد أن أي مواجهة ستؤدي إلى نشوب حرب و(فوضى) قد تطيح بها. حتى على صعيد الأسرى الذين يضربون عن الطعام، فإن التحركات تأتي متأخرة، وآخرها الأسير القيق، الذي يحتضر، وهو المعتقل إدارياً من دون توجيه تهمة واضحة. ما يعني أن مواجهة المحتل تراجعت أشكالها حتى وصلت مستوياتها الدنيا على الصعيد الرسمي، أما على الصعيد الشعبي فالمسألة لا يمكن أن تكون كذلك حتى لو بدت للعيان أنها هادئة، وأن محاولات الطعن التي يقوم بها الشاب هي عمليات فردية. فالغضب سيصل قمة الرأس، وقد وصل، والدليل هؤلاء الشباب الذين لم يعد أمامهم سوى السكين والحجر لمقاومة الاحتلال، والتعبير عن رفضهم له، محاولاً نقل مطالبهم ولفت الرأي العام العالمي لأوضاعهم البائسة.
هناك ما يمنع تبلور استراتيجية فلسطينية واضحة المعالم لمواجهة هذا الاحتلال، ويتمثل في استمرار النزاع بين فريقين رئيسيين وهما حركة فتح التي تحاول ممارسة سلطتها على أراضي الضفة الغربية، وحركة حماس التي تتحكم بشرايين الحياة في قطاع غزة، واستمرار هذا الانشقاق سيعطي الكيان الصهيوني مجالاً أوسع لممارسة كافة أشكال التوحش من قتل وهدم ومصادرة للبشر والشجر والأرض.
لقد مرت سنوات طويلة على هذا الانقسام المشبوه بين حركتين فلسطينيتين يفترض أنهما تمثلان الشعب الفلسطيني في داخل فلسطين، وتحديداً في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتزداد المعاناة يومياً، الأمر الذي بات معه البقاء غير محتمل، ولهذا، يسعى كثيرون إلى البحث عن فرص للهجرة ومغادرة البلاد بحثاً عن الأمن والسلام، في ظل إحباط كبير من ضعف السلطة التي لا تريد أن تتخذ مواقف لا دبلوماسية كلامية ولا نضالية فعلية في وجه الكيان الصهيوني، وفي الوقت ذاته، لا تريد تثوير الشباب، بل إنها تمنعهم من ممارسة النضال ضد المحتل، وأيضاً يعجزون عن تأمين فرص العمل والعيش بكرامة. وهو ما يهدد بخسارة الكفاءات والطاقات البشرية الفلسطينية إلى الأبد، ما يعني تراجع التنمية، واستمرار الفساد السياسي والإداري والمالي. ومن لا يجد فرصة للهجرة فإنه يذهب للتعبير عن حنقه وغضبه بالطعن أو الرجم أو إشعال الحرائق أو الدهس وغيرها. والشاب الذي يقوم بهذا العمل وهو عارف بنتائجه، أي أنه لن يتمكن من النجاة إلا نادراً، فإنه يقوم بعملية انتحارية، وهي عملية بديلة عن الانتحار في بيته أو إشعال النار في جسده، وهذا يعني أن هذا الشاب أو تلك الصبية وصل كلاهما إلى حائط مسدود.
على السلطة الفلسطينية إدراك هذا قبل غيرها، وأن تعيد التفكير بكيفية إدارة القضية الفلسطينية برمتها، والمراوحة في المكان ذاته، واجترار الهزائم والآلام سيؤدي إلى المزيد من الإحباط. فهي مسؤولة أولاً وأخيراً عن شعبها، عن كرامته وقضيته ومعيشته، وقد يأتي وقت يحول فيه الشبان نقمتهم نحو رموز السلطة وأطيافها، ونحو المهيمنين على قطاع غزة أيضاً. فالحالة المعيشية في الضفة والقطاع، كما ينقلها المراسلون الإعلاميون والناس والمسافرون واحدة، بل إن الواقع في غزة أكثر بؤساً، فكثير من الذين فقدوا بيوتهم في الحرب الأخيرة لا يزالون يعيشون في الخيام في ظروف إنسانية بائسة، وإذا أضفنا هدم الأنفاق وإقفال المعابر، سيتحول أهل غزة إلى أسرى في سجن كبير، وما على المسجون سوى خيارين، الاستمرار في المعاناة أو البحث عن وسيلة للهرب.
قتل الفلسطينيين من قبل جيش الاحتلال العنصري لن يؤدي إلى حل، والتزام الصمت من قبل قيادة السلطة الفلسطينية لن يحرك القضية، فالعالم مشغول جداً بمحاربة الإرهاب، والقضية الفلسطينية باتت في أدنى الأولويات عالمياً، ولكن يجب أن تكون في سلم الأولويات فلسطينياً.
المطلوب من الفلسطينيين أن يبتكروا حلولاً جديدة لمعاناتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأن يخرجوا من دائرة السبات أو الموات. والقيادة الفلسطينية هي المعنية أولاً وأخيراً بهذا الأمر، ولديها شعب يمتلك إمكانات علمية ومالية وفكرية وثقافية ونضالية يجب استثمارها، وألا تنتظر من الآخرين مبادرات من أي نوع، فما حك جلدك مثل ظفرك، فتول أنت جميع أمرك، هكذا قالت الحكمة البليغة، والفلسطينيون أحوج الناس إليها، حتى تتوقف عمليات الإعدام المجانية بحق الشباب الذين يشكلون مستقبل شعبهم.
الدم الفلسطيني يُسفك في الشوارع والأرصفة بدم بارد وتوحش متجدد، من يحمل سكيناً أو يتوجه إلى جندي «إسرائيلي» أو يتجاوزه بسرعة أو يحملق في عينيه بغضب فهو إرهابي ويضمر نوايا القتل والطعن ولا بد من قتله وغرس خمسين رصاصة في جسده وتركه ينزف حتى يموت. ومن يحاول طعن جندي لا يُعتقل وإنما يُردى فوراً برصاصة قاتلة. أما من يقتحم البيوت الآمنة للفلسطينيين ومن يقتلع أشجارهم ويهدم بيوتهم فهو يدافع عن نفسه ويحمي أمنه. هذا منطق سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» العنصري، وهو منطق إجرامي يضمر بين جنباته القتل عن سابق نية، ليشيع الإرهاب بين الشباب ويمنعهم حتى من ممارسة أقل الحقوق وهو التنقل فوق أراضيهم وفي مدنهم وقراهم بسلام.
إن ما يقوم به الجيش «الإسرائيلي» هو بكل وضوح عمليات إعدام من دون توجيه أي تهمة ومن دون محاكمة، القصد منها تجذير القمع وخلق الخوف والاستكانة والرضوخ، وهذه الممارسات ضد كل القوانين الدولية والإنسانية وضد كل الشرائع، لكن من يواجه المحتل وهو الأقوى ومدعوم بأعتى القوى العالمية التي تزعم بحق المحتل بالدفاع عن نفسه، متناسين أنه يدافع عن نفسه على أرض يحتلها وينتهك حرمتها وقداستها عامداً متعمداً، ليتبرأ من أي استحقاقات.
وزيرة الخارجية السويدية «مارغوت والستروم» صرحت يوم 4-12-2015 خلال نقاش في البرلمان السويدي أن «إسرائيل» تنفذ عمليات إعدام ضد الفلسطينيين من دون محاكمة. وهو الصوت الذي يكاد أن يكون وحيداً عالمياً، أما عربياً فيكاد الصمت يخيم على الجميع في ظل انشغالاتهم المحلية والإقليمية. وهو ما يعطي الفرصة للكيان «الإسرائيلي» نحو مزيد من الممارسات التعسفية ضد الشعب الفلسطيني. والسلطة الوطنية الفلسطينية عاجزة عن القيام بأي فعل لمقاومة هذا الاحتلال، وتعتقد أن أي مواجهة ستؤدي إلى نشوب حرب و(فوضى) قد تطيح بها. حتى على صعيد الأسرى الذين يضربون عن الطعام، فإن التحركات تأتي متأخرة، وآخرها الأسير القيق، الذي يحتضر، وهو المعتقل إدارياً من دون توجيه تهمة واضحة. ما يعني أن مواجهة المحتل تراجعت أشكالها حتى وصلت مستوياتها الدنيا على الصعيد الرسمي، أما على الصعيد الشعبي فالمسألة لا يمكن أن تكون كذلك حتى لو بدت للعيان أنها هادئة، وأن محاولات الطعن التي يقوم بها الشاب هي عمليات فردية. فالغضب سيصل قمة الرأس، وقد وصل، والدليل هؤلاء الشباب الذين لم يعد أمامهم سوى السكين والحجر لمقاومة الاحتلال، والتعبير عن رفضهم له، محاولاً نقل مطالبهم ولفت الرأي العام العالمي لأوضاعهم البائسة.
هناك ما يمنع تبلور استراتيجية فلسطينية واضحة المعالم لمواجهة هذا الاحتلال، ويتمثل في استمرار النزاع بين فريقين رئيسيين وهما حركة فتح التي تحاول ممارسة سلطتها على أراضي الضفة الغربية، وحركة حماس التي تتحكم بشرايين الحياة في قطاع غزة، واستمرار هذا الانشقاق سيعطي الكيان الصهيوني مجالاً أوسع لممارسة كافة أشكال التوحش من قتل وهدم ومصادرة للبشر والشجر والأرض.
لقد مرت سنوات طويلة على هذا الانقسام المشبوه بين حركتين فلسطينيتين يفترض أنهما تمثلان الشعب الفلسطيني في داخل فلسطين، وتحديداً في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتزداد المعاناة يومياً، الأمر الذي بات معه البقاء غير محتمل، ولهذا، يسعى كثيرون إلى البحث عن فرص للهجرة ومغادرة البلاد بحثاً عن الأمن والسلام، في ظل إحباط كبير من ضعف السلطة التي لا تريد أن تتخذ مواقف لا دبلوماسية كلامية ولا نضالية فعلية في وجه الكيان الصهيوني، وفي الوقت ذاته، لا تريد تثوير الشباب، بل إنها تمنعهم من ممارسة النضال ضد المحتل، وأيضاً يعجزون عن تأمين فرص العمل والعيش بكرامة. وهو ما يهدد بخسارة الكفاءات والطاقات البشرية الفلسطينية إلى الأبد، ما يعني تراجع التنمية، واستمرار الفساد السياسي والإداري والمالي. ومن لا يجد فرصة للهجرة فإنه يذهب للتعبير عن حنقه وغضبه بالطعن أو الرجم أو إشعال الحرائق أو الدهس وغيرها. والشاب الذي يقوم بهذا العمل وهو عارف بنتائجه، أي أنه لن يتمكن من النجاة إلا نادراً، فإنه يقوم بعملية انتحارية، وهي عملية بديلة عن الانتحار في بيته أو إشعال النار في جسده، وهذا يعني أن هذا الشاب أو تلك الصبية وصل كلاهما إلى حائط مسدود.
على السلطة الفلسطينية إدراك هذا قبل غيرها، وأن تعيد التفكير بكيفية إدارة القضية الفلسطينية برمتها، والمراوحة في المكان ذاته، واجترار الهزائم والآلام سيؤدي إلى المزيد من الإحباط. فهي مسؤولة أولاً وأخيراً عن شعبها، عن كرامته وقضيته ومعيشته، وقد يأتي وقت يحول فيه الشبان نقمتهم نحو رموز السلطة وأطيافها، ونحو المهيمنين على قطاع غزة أيضاً. فالحالة المعيشية في الضفة والقطاع، كما ينقلها المراسلون الإعلاميون والناس والمسافرون واحدة، بل إن الواقع في غزة أكثر بؤساً، فكثير من الذين فقدوا بيوتهم في الحرب الأخيرة لا يزالون يعيشون في الخيام في ظروف إنسانية بائسة، وإذا أضفنا هدم الأنفاق وإقفال المعابر، سيتحول أهل غزة إلى أسرى في سجن كبير، وما على المسجون سوى خيارين، الاستمرار في المعاناة أو البحث عن وسيلة للهرب.
قتل الفلسطينيين من قبل جيش الاحتلال العنصري لن يؤدي إلى حل، والتزام الصمت من قبل قيادة السلطة الفلسطينية لن يحرك القضية، فالعالم مشغول جداً بمحاربة الإرهاب، والقضية الفلسطينية باتت في أدنى الأولويات عالمياً، ولكن يجب أن تكون في سلم الأولويات فلسطينياً.
المطلوب من الفلسطينيين أن يبتكروا حلولاً جديدة لمعاناتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأن يخرجوا من دائرة السبات أو الموات. والقيادة الفلسطينية هي المعنية أولاً وأخيراً بهذا الأمر، ولديها شعب يمتلك إمكانات علمية ومالية وفكرية وثقافية ونضالية يجب استثمارها، وألا تنتظر من الآخرين مبادرات من أي نوع، فما حك جلدك مثل ظفرك، فتول أنت جميع أمرك، هكذا قالت الحكمة البليغة، والفلسطينيون أحوج الناس إليها، حتى تتوقف عمليات الإعدام المجانية بحق الشباب الذين يشكلون مستقبل شعبهم.
suwaiji@eim.ae
http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/de66e1f0-e667-4bc1-8c09-5aae21c3b3b6