حين نكبر..

حين نكبر..

أنور الخطيب

حين نكبر

نبدأ في مراقبة التفاصيل المملّة في الحياة:

قدوم الليل أسرع مما يتوقع النهار،

قدوم النهار أبطأ مما يظنّ الليل،

خلوّ الصباحات من المواعيد،

مللُ القهوةِ من سكّرها القليل،

واندلاقها في صحنها،

تشابه المذاقات في الأطعمة،

تشابه الأمكنة،

كراهيتنا للمرايا

لا مبالاتنا لمرور الصبايا،

تشابه كل أطرافنا …

حين نكبر ..

نبدأ في المعاناة من قلة التوقعات:

لا نتوقع زائرا، أو قريبا، أو حبيبا

أو اتصالاً من صديق قديم،

لا نتوقع خبراً جديداً ..

نصراً جديداً أو هزيمة جديدة..

فكل ما كان سيمضي قد مضى

لا نتوقع شيئا ..

لا نتوقع أن نتوقع شيئا

سوى ما نعرفه ونرفضه

سوى أن يُعْلِمنا أحد

أننا وُجدنا في الطريق هائمين

أو ضائعين أو سائرين إلى فكرة نجهلها،

ونعرفها جيدا..

حين نكبر لا ننتظر أحداً..

فقدوم الشتاء مشكلة عويصةٌ

وقدوم الصيف عبء ثقيل

وأوراق الخريف تشبهنا .. وترعبنا،

كل انتظارنا لأشياء بديهية:

يقظتُنا بكامل أنفاسِنا،

قدرتنا على تذكّر مَنْ حولنا،

أوراقَ ملكيةِ أرضنا،

أماكنَ مفاتيح دورنا،

أماكنَ الكمائن التي تعدّنا

وتفرح حين يقلُّ الازدحام في بيوتنا

حين نكبر نفقه معنى أننا كبرنا

ولا يفقه الكامنون لنا

أنه كلما كبرنا

يصغرون في عيوننا…

أغسطس 2009

اترك تعليقاً