من “هو” ومن “هي”!
بقلم الدكتور علي سنجل
كنت أحدث نفسي و أقول من هو؟ و من هي؟ منذ الصغر، وكنت أسمع عن رغبة معظم الآباء لـ”هو” وغضبهم عند حصولهم على “هي” و لكن ما ذنب “هي” في ذلك؟ ترعرعنا في هذا الكون الواسع الذي يحتوى على أسرار كونية لا يعلمها الا الله، و لكنه عز وجل اكرم خليفته واسكنه الأرض وأنعم عليه العقل ليفكر، وهذا ما تميز به المخلوق الآدمي. هذه السلسلة لم تنته، ففي مراهقتي انتبهت الى معركة أخرى في الحياة، فبدأت أسمع شجاراً بين “هو” و”هي”؛ كل واحد يبرز عضلاته ليقول (انا الأقوى)، حيث يقوم هو بالتباهي بجسده وقوته الجسمانية، وتتجه “هي” لتفتخر بذكائها العاطفي وسيطرتها على “هو” من خلال أنوثتها. مضى الزمن، ودخلنا عالم العمل، وبدأ شجار من نوع حرفي ومتقدم، كلٌ يبرز أفضليته وأحقيته للوظيفة، وكلٌ يرغم الآخر على القبول به بأنه الأجدر، فـ”هو” يقول (أنا الأحق و”هي” مكانها المنزل)، و”هي” تقول (لستَ افضل مني، فالحياة 50 و 50 على قول الغرب)
حكمت عقلي وعدت لكتاب الله، لأن القرآن الكريم يحتوي على كل ما يحتاجه الإنسان من علم و معرفة. فـ”هو” يقول إن الله عز و جل فضلنا بقوله: (الرجال قوامون على النساء)، ولكن نسي “هو” أن يكمل الآية ليرى أن الله فضل “هو” بنفقته على “هي” حيث أن “هو” لا يقوم بدور “هي” في مشقة الحمل والولادة والتربية، فوكل الله “هو” بالنفقة والعمل. و لكن خارج هذا النطاق فـ”هو” و “هي” سواء، ولهما المجال في العمل والمثابرة والتقدم والازدهار. كل ذلك في حدود شرع الله. فالله سبحانه و تعالى اكرم الجنسين. فلا يمكن لـ”هي” أن تلد بدون “هو”، ولا يستطيع “هو” أن ينجب طفلا دون “هي”، فالله سبحانه و تعالى خلقنا ازواجا. و بيّن لنا قوانين الحياة بين “هي” و”هو”، فلا حياة الا بالدور التكاملي، ولا نجاح إلا بتكاتف الرجل مع المرأة، واحترام بعضهم البعض، فالأسرة قائمة على هذا الأساس، والأسرة نواة المجتمع، إن فشلت النواة فشل المجتمع و فشلت الامة. هكذا هي الحياة فلا حياة بلا “هي” ولا حياة بلا “هو”.
معا نصنع النجاح للأجيال القادمة، كما صنع الأجداد هذا الجيل لنا.
لنتكاتف لبناء كوكبنا الجميل ليستفيد منه جيل بعد جيل.